السبت، يناير 26، 2013

محاولات لتوثيق الصخب .. !


 يحدث أحياناً بين أيامى المزدحمة أن تأتينى لحظة ما أنفصل فيها عن الصخب من حولى .. تتجانس الأصوات فجأة لتستكين إلى خلفية المشهد المزدحم بالتفاصيل .. و أنظر حولى فى محاولة لتسجيل الإحساس بذهنى .. مدركة أننى سأجلس لأتذكره يوماً ما .. قريباً كان أم بعيداً .. ما يهمنى فى الأمر هو إدراكى التام لكون هذة اللحظة ستعيش معى زمناً طويلاً !

أحاول تسجيلها بكامل تفاصيلها .. المكان .. الأشخاص .. الأضواء .. الزوايا .. و حتى الإيقاعات العشوائية للصخب ! .. لحظات كهذة تعود فتتعاقب على الذاكرة .. فى مرورها المتواصل تبدو أشبه بشريط حياة .. و تدهشنى وقتها قدرتى على الإحتفاظ بالتفاصيل .. كنت أظنها أمراً اعتيادياً إلى أن لاحظت انبهار البعض بتذكرى لتفاصيل صغيرة مر عليها زمن .. و إلى أن بدأت أنا نفسى فى الإنبهار بكم التفاصيل التى ما عاد فى استطاعتى أن أحصيها !

هى تفاصيل صغيرة مدهشة لن تلاحظها إن لم تعطها انتباهك الكامل .. و تجلس مع نفسك طويلاً فى محاولات لتدوينها و الحفاظ عليها .. و محاولات أخرى لفهم كيف يتسع لها عقلك .. و كيف يتحمل قلبك فيض المشاعر الذى يسببه تعاقبها على الذاكرة ذات مساء لم تتوقع منه أن يحمل إليك كل ذاك القدر من الشجن !

السبت، يناير 12، 2013

عن شـجـن الشتاء و الذكريات المتقاطعة .. ! ♥

(1)

كنّا مجنونتين بما يكفى لأن نقطع ذاك الطريق الطويل مشياً تحت المطر .. المطر الذى لم يكن خفيفاً يومها ، لكننا أخذنا القرار معا دون ان نتحدث فيه .. و لم تطرح احدانا السؤال على الأخرى ..
كأننا قررنا فى لحظة واحدة أننا بحاجة إلى تطهير نفسى ، و لم نجد فرصة أكثر اكتمالاً من طريق طويل ممتد شبه خال إلا من قطرات المطر و قلّة من البشر يشبهوننا فى الجنون أو فى رغبة التطهر !

لم نحاول حتى أن نقطعه سريعاً .. كنّا فى أمس الحاجة إلى أن يتوقف بنا الزمن .. ألا ينتهى الطريق .. و لا المطر .. و لا الشجن الذى كاد يفتك بنا وسط الضباب الشتوى الحزين ..

لكنّ الشتاء لا يحزننى .. على العكس ، يحمل لى فى قلبه البهجة .. هو فى قلبى و روحى نذير فرحة قريبة .. كأشعة الشمس التى تتسلل دافئة بعد المطر .. و رائحة الأرض المرتوية نشوة .. و الألوان التى تشرق فى قوس القزح لـتنتزع السلطة من اللون الرمادى !

و أنتِ .. منذ ذاك اليوم تخطرين ببالى كل شتاء .. أو كل مطرٍ بالأدق ..
و كلّما عاد إلى وجهك .. عاد معه ذاك الطريق الرمادى الطويل ، و الريح الباردة الحنونة ، و الأوراق التى نسينا أن نخبأها فى معاطفنا .. فابتلت و تعرج سطحها بفعل المطر .. و صارت منذ ذاك اليوم تحمل رائحة الشتاء البهيج ! :)

لـعامين أنتظر الشتاء كى تأتينى معه ..
أفكر أحياناً أنه يمكننى ببساطة أن أرفع سماعة الهاتف لأحادثك .. لأطلب أن نتلاقى حتى .. لكننى خجلة من نفسى .. خجلة من أن حديثنا انقطع .. و أنا التى كنت دوماً أستكمل معك الحديث فى كل لقاء كأنه لم ينقطع قط !
يصعب علىّ أن أهاتفك كالغرباء لأسألك كيف أنتِ ؟! .. و أنا التى يجب أن أكون الأدرى بكِ !

أعوام من الغياب مرت منذ تفرقنا فى الجامعة .. غياب طويل الأجل لم أشهده سوى فى أفلام السينما و كنت أتعجب منه ، قبل أن أختبر بنفسى أن للحياة طرقها الخاصة فى جعل المرء ينشغل طويلاً بفقاعته الخاصة .. و ها أنا الآن .. فتاة عشرينية يجتاحها الحنين لصديقة مراهقتها ..

كل ما أملكه و يصلنى بك ، بضعة متفرقات ، لست أدرى حتى صحة ارتباطها بكِ حتى الآن .. خط هاتف يراودنى الحنين للإتصال عليه .. بريد قديم لا يبدو أنك تتفقدينه .. عنوان لا أعرف غيره منذ سنوات و لا أدرى إن كنتِ لا تزالين تسكنينه أم رحلتِ .. حتى أننى أضعت الطابق .. و لكن ، لا يهم !
سأستنفذ محاولاتى كاملة .. أعلم جيداً أن معجزاتى الصغيرة لا تأتينى إلا بعدما أستنفذ كل شئ .. جربت الأمر مراراً ! :)) .. و هذا الشتاء يختلف .. أو أنا من تريد له أن يختلف عن شتاءات الغياب التى مضت .. هذا شتاء أود بشدة أن أستعيدك فيه.

(2)

لى أيام و أنا أصادف أصدقاء قدامى على غير توقع .. أصادف ذاكرتى إن أردنا الدقة .. ذاكرةٌ تضحك و تمشى على قدمين .. و لا زالت تحمل من تفاصيلى ما يضمن دفء الحديث .. غير أن الحديث عن الأصدقاء القدامى يأخذنى إليها .. و الشتاء و المطر يأتيان بها إلىّ .. لكنها الوحيدة التى لم ألتق بها بعد !

(3)

و مؤخراً ، رزقنى الله تجربة استثنائية مماثلة على غير توقع منى .. عندما يجتمع ليل الشتاء مع رذاذ المطر الخفيف و مثلجات الشوكولاتة ، يصبح الأمر رائعاً .. و عندما يقترن كل هذا بالصحبة الإستثنائية  ، فإن الأمر يتعدى آفاق الروعة و يصمت عنده الكلام !
إلى صديقتى التى هى من أجمل الأشياء التى أبتدأ بها عامى الجديد .. إلى طاقة الضوء تلك التى اختطفت قلبى من اليوم الأول .. و شاركتنى مغامرتى العفوية فى أكل غزل البنات .. أنا فعلاً أحبك  :))