الأربعاء، مايو 14، 2014

حينما تنصت ...


يمكننى أن أخبرك أننى لم أتوقع كل هذا ..و أن ما مر من هذا العام حتى الآن قد أطاح بكل الثوابت لدّى .. يمكننى أن أخبرك أننى لا زلت اندهش من ذلك الخاتم الصغير الذى يطوق اصبعى و يطوق قلبى بحكايا كثيرة ..  

يمكننى أن أخبرك أن الأشياء عادة ليست كما تبدو .. و أن هناك أمورا تستلزم الكثير من التفسير الذى لا نقوم به لأحد .. غالباً لأنه مرهق، ولأنه أكبر من طاقتنا و أكبر من مفرداتنا فى أوقات أخرى .. يمكننى أن أخبرك أننى فى فترة ما أصبح كل شئ يحدث حولى بسرعة تبدو لى جنونية .. أو ربما العالم ليس بهذا الجنون .. و أنا التى أمارس هوايتى المفضلة فى البقاء داخل اللحظة بعد أن تنتهى، ثم محاولة استحضارها و التشبع بها من جديد ..

يمكننى أن أخبرك أننى لم أستطع الكتابة عن أى شئ رغم كل ما حدث .. و أن الكتابة عن الواقع فى دوامته أصبحت شبه مستحيلة.. الأمر يشبه ما كتبت عنه سابقاً .. اما أن تعيش الحدث واما أن تكتب عنه، لأن الكتابة عنه تستلزم الخروج منه .. على الأقل تستلزم ادراكه بكامله و هو ما لا يحدث معى هذة الأيام .. و أسعد الأوقات حظاً تلك التى نعيشها بكاملها ثم نختلس بعض الوقت كى نكتب عنها .. تأتى هكذا كالرزق من السماء .. مبهجة و مدهشة فى بساطتها و استسلامها للحكى و الكلمات ..

يمكننى أن أخبرك أن هذة التدوينة لا تقول أى شئ ولا غرض منها سوى أن تعيدنى للكتابة .. يمكننى أن أخبرك أننى اعتدت فترات الغياب الطويلة عنها لكننى اخشى أن تكون احداها هى نهاية الأمر .. أعلم جيداً أن الكتابة رزق .. و أن على المرء أن يستسلم لها وقتما تأتى لأن هناك نصوصاً و كتابات قد تغير العالم .. على الأقل العالم كما يعرفه بعضنا .. كذاك النص الأخير الذى كتبته هنا منذ خمسة أشهر و لم أعرف وقتها لماذا كنت اكتبه.. يمكننى أن أخبرك أن لكل شئ سبباً لكنك لن تعرفه بالضرورة..

يمكننى أن أخبرك أن الحياة لم تعد كما كانت، و أن حكايات جديدة قد  أتت دون أن استعد لها .. أنا فى حاجة لبعض الوقت كى أتشبع بكل شئ .. يمكننى أن أخبرك أن الشتاء يقلب حياتى كل عام لكنك تعرف ذلك الآن .. يمكننى أن أخبرك أن الأيام بعدك تمر ببطء بعدما كانت تمضى معك بجنون .. يمكننى أن أخبرك الكثير و الكثير من الأشياء، دون أى ترتيب، و دون أى منطق حتى، لا لسبب إلا أننى احبك حينما تنصت.