الأربعاء، يناير 14، 2015

... !

[27.ديسمبر.2014]

يوسف الصغير يتربع أمامى فى عربة المشتروات التى أمسك بمقودها .. استند على المقود بكلا ذراعىّ فنصبح جسداً واحداً ينزلق فى انسياب .. أدفعه بقوة إلى أن يوشك على الإصطدام بالمعروضات .. ثم اسحبه سريعاً قبل الإصطدام بثانية فيصفق جذلاً ويضحك بعلو صوته .. أشعر كأننى اؤدى رقصة ما على أرض ناعمة .. لا التفت للمعروضات رغم وجودى فى المكان للمرة الأولى .. عيناى مركزتان على الصغير .. بشكل ما تم اختصار كل معانى البهجة فى بريق عينيه .. لم أود الانتباه إلى أى شئ آخر ..

كنت _و للمرة الأولى منذ زمن_ سعيدة و مكتملة باللحظة .. لم يراودنى ذاك الشعور المزعج بأن الوقت ينفد، أو أن علىّ الإسراع للتواجد فى مكان آخر لسبب ما .. الوقت كان يطفو بسلام حولنا ونشقه نحن بعجلات العربة .. يصدر الصغير اصواتاً بفمه فأندمج معه واقلده .. من أخبرك أننى احب فعل ذلك ؟؟ .. افعلها أفضل منه فيتحمس ويقرر أن ينافسنى .. يصدر صوتاً أقوى فأصدر صوتاً أقوى منه .. ونستمر فى اللعبة بينما تنظر لى أمه بإندهاش ..

فى رأيى أن الأطفال يفعلون بنا واحداً من شيئين .. امّا أن يجعلوننا نشعر بفارق السن بيننا وبينهم .. وامّا أن نعود معهم إلى بهجة عمرٍ لم ندركه فى وقته .. يوسف الصغير ذو الستة اعوام اخذنى من يدى و انطلقنا نعبر الشارع الفسيح جرياً كى نسبق العربات .. لو تدرى يا يوسف أن لى عمراً لم أفعلها .. السن يوجب علينا الوقار يا عزيزى .. لكنك تأتى فتغير كل الوقائع .. لو تدرى أن دفء يدك الصغيرة لا يزال فى كفى .. و أننى ممتنة لأنك لم تترك يدى طوال الرحلة .. كنت ألتقط الصور للبحر والشئ الوحيد الذى سمحت له بأن يعترض عدستى هو وجهك الصغير، كى أحتفظ باللقطة كاملة.

لو تدرى ايضاً أننى اعتبرتك طفلاً مزعجاً فى بداية اليوم، لكثرة صخبك و لأننى كنت مصابة بالصداع من السفر .. لكننى كنت  مخطئة .. ارجو أن تسامحنى .. عرفت ذلك بعدما تعلمت الصبر معك، و سلمتك قلبى فتحول الصخب إلى بهجة.. لا بأس .. ليس كل  الأشياء الجميلة ندركها فى حينها .. لكننى سعيدة ايضاً لأننى لم اتأخر .. و ارجو من الله الّا اتأخر ابداً فى شكر نعمته .. أنا سعيدة لحصولى على صديق جديد فى الإسكندرية :)

الخميس، يناير 01، 2015

عن الشغف بفقدان التوازن .. !


حدثتنى السنة الفائتة كثيراً عن نفسى .. عن رغبتى فى تغيير كل شئ بإستمرار، رغم شغفى الأوحد بالتمسك بالذاكرة .. عن حبى للخطوات الجديدة .. و عن خوفى من الإقتراب من الآخرين .. أنا روحٌ مفردة كما تقول شيماء .. أفضل البقاء على مسافة آمنة من البشر .. و أجد فى صحبة نفسى و توحدى بها اطمئناناً و راحة لا أملّ منهما أبداً .. و ليس صحيحاً أنك تآمن لمن تحب .. أنا أخاف فقط ممن أحب، لأنهم وحدهم يملكون القدرة على إيذائى .. حتى عن دون قصد.

هذة مسافتى الآمنة التى أحيط نفسى بها .. لكنّ الأمان ليس دوماً مرادفاً للشغف .. أنا شغوفة بالمستقبل رغم أننى خائفة منه حد الموت .. و الشغف يجتذبنا فى النهاية حتى وإن كان يحمل لنا الألم .. يحمل لنا المجهول .. نحن لا نقاوم الشغف بالضوء رغم أنه يغشى أبصارنا ويفقدنا توازننا .. لكنّ البقاء طويلاً فى مكان ثابت يجعل المرء يشتهى بعض فقدان التوازن .. يتوق إلى الضوء .. و أتوق أنا أحياناً إلى الإنغماس فى الآخرين حد التوحد معهم ..

فى المرات القليلة التى قمت فيها بذلك، كان الأمر متفرداً لدرجة يصعب علىّ وصفها .. وجدت نفسى أختبر حالات مدهشة من التشبع الروحى .. انغمست بالكامل فى تفاصيلهم الدقيقة حد الوصول إلى السلام التام مع العالم فقط لأنهم موجودون .. و رغم الوجع الذى قد يحدث، إلا أن الأمر يستحق .. أنا الآن أعرف ذلك .. أحياناً أتجرد من الخوف عن ملل .. لكننى أعود فأفقد طاقتى و أشتهى الوحدة.

فى هذا الوقت من العام الماضى كنت أقاوم شغف ما بضوء كاد أن يكون عابراً، لولا أننى لم أتحمل خسارته ..
أنا خائفة .. لكننى على استعداد تام لإقتفاء خطواته إلى نهاية العالم .. فى النهاية يندم المرء على ما لم يفعله .. و أظن أننى قد أندم على البقاء داخل مسافتى الآمنة أكثر من أى شئ آخر.